مديحة: عملت 5 سنوات معلمة وأنا لا أتكلم السويدية

أمينة: عقد صوري مع المدرسة والراتب في جيب الإدارة

الكومبس – خاص: رغم حصولها على عقد عمل قانوني فإن عمل أمينة البسط في مدرسة سويدية عربية خاصة في مدينة أوبسالا تأجل أكثر من مرة. ووفقاً لأمينة فإن عقدها مع المدرسة كان “شكلياً” ليذهب راتبها بالكامل من أموال الضرائب إلى جيب إدارة المدرسة. وبعد سنة من الصمت بلغ صبر أمينة منتهاه، الأمر الذي شجع أختها على البوح بما تعرفه جيداً عما تسميه “أسرار المدرسة”.

جاءت أمينة البسط قبل سنة تقريباً من المغرب إلى السويد محتمية بأختها مديحة التي تعيش في السويد منذ حوالي 14 عاماً. زوج أخت أمينة هو من يدير المدرسة السويدية العربية الخاصة، حسب رواية الأختين. والمدرسة نفسها عملت فيها مديحة معلمة منذ 2018. وعن ذلك تقول “عملت في هذه المدرسة خمسة أعوام بصفة مدرسة لكن المضحك في الأمر أنني لا أتكلم اللغة السويدية بشكل جيد. كيف لشخص لا يعرف اللغة السويدية أن يعلّم الأطفال؟ إن كان هذا يدل على شيء فهو دليل على أن عقدي أنا الأخرى كان شكلياً”.

عمل الأخت في المدرسة كان هدفه الحصول على إقامة عمل بعد رفض مصلحة الهجرة طلب اللجوء الذي قدمته. لم تكن أمينة تريد عقداً صورياً، على حد قولها، بل كانت تريد العمل بالفعل خصوصاً أنها تحتاج إلى دخل لتعيل ولديها، ولكن في كل مرة كانت تطالب بتطبيق الاتفاق الجاري بموجب العقد كانت إدارة المدرسة المتمثلة في زوج أختها تؤجل الأمر.

وفقاً لعقد العمل الذي اطلعت عليه الكومبس فإن وظيفة أمينة هي مساعد مدرس (läraraassistent) بمرتب قدره 25600 كرون شهرياً. تقول أمينة “لم تطأ قدماي المدرسة ولم أر من راتبي شيئاً”.

ووفقاً للأختين، وكما يظهر في كشف الحساب المصرفي الذي أرسلتاه، فقد كان راتب أمينة يصب في حساب أختها مديحة لكي يتم سحبه على الفور لصالح زوجها، أحد أعضاء هيئة إدارة المدرسة. وسبب استخدام حساب مديحة لاستلام الراتب هو أن على زوجها دفعات لهيئة جباية الديون (كرونوفوغدن) تحول دون استخدامه حسابه الخاص.

عندما استمر رفض المدرسة توظيف أمينة بشكل فعلي وكذلك رفض استقالتها، هددت أمينة بفضح مسألة العقد الوهمي، فتم طرد أمينة من منزل أختها وتهديدها. وفي البداية كانت مديحة خائفة من تهديدات الزوج وطلبت من أختها التكتم لكن بعد أن وصلت قصة أمينة للجهات المعنية والإعلام لم يكن هناك مجال للصمت. على حد قولها.

تقول مديحة “لم يكن لدي أي علم بموضوع التوظيف الوهمي حتى حصل هذا الشيء لأختي وبعد أن قدمت هي بلاغاً عليه تجرأت على البوح بما أعرف”.

وتوجه الأخت الأقدم في السويد مديحة سيلاً من الاتهامات للمدرسة بالقول “المدرسة سيئة ويحدث فيها كثير من الاضطهاد. أما مستوى التعليم في هذه المدرسة فرديء جداً بدليل أنني كنت أعمل معلمة فيها لمدة خمس سنوات وأنا لا أتحدث اللغة السويدية على الإطلاق. حتى أولادي يذهبون لمدرسة أخرى لأننا نعرف رداءة مستوى التعليم فيها. ناهيك عن تستر الطاقم التدريسي على العنف الذي يتعرض له الأطفال في منازلهم. سبب التستر هو خوفهم من أن يُنقل الأطفال إلى مدرسة أخرى فتقل المساعدة المالية التي يحصلون عليها من الدولة”.

ما حصل لأخت مديحة كان القشة التي قسمت ظهر البعير ورغم عدم معرفة مديحة بالعقود الوهمية فإنها كانت تعرف انه هناك ما تسميه “استغلالاً” للأموال التي تحصل عليها المدرسة. وتقول مديحة إن زوجها وبقية الموظفين كانوا يتناوبون على التبضع وشراء الأطعمة والآثاث من أموال المدرسة.

ألم تقولي شيئاً له أو تعارضي عندما أحسستِ أن هناك شيئاً غير قانوني في عمل وإدارة المدرسة؟

تجيب مديحة “عندما جئت إلى السويد كنت لا أعرف أي شيء عن اللغة والمجتمع ومنعني زوجي من الاندماج في المجتمع، لذلك كنت أثق بكل شيء يقوله لأنه كان بالنسبة لي صاحب الخبرة والمعرفة، لكن عندما حدث هذا مع أختي وقدمت هي البلاغ ضده تشجعت على أن أقول ما أعرف”.

وعن مدى شعورها بالتردد أو الخوف قبل التبليغ عن المدرسة، قالت أمينة “كنت خائفة لكن شعرت أنه يتاجر باسمي ويستغلني وعندما تحدثت معه هددني. هنا طفح الكيل. كل ما كنت أرغب به هو فض العقد والبحث عن عمل في مكان آخر ولكنه لم يرد أن يخسر راتبي”.

وأضافت “تعرضت لكثير من التهديدات بقتلي إذا تحدثت عن مشكلتي مع المدرسة، ولدي محادثات مسجلة بذلك وأخبرت الشرطة والجهات المعنية”.

لم يبقَ لأمينة خيار سوى محاولة الحصول على حقها عن طريق القانون وكشف المدرسة ومديرها بعد اتهامه بارتكاب جريمة اقتصادية (ekobrott).

يذكر أن المدرسة المعنية مازالت أبوابها مفتوحة حتى الآن للطلبة، لكن لديها مهلة حتى نهاية شهر أبريل لاستدراك الأمور وإلّا فإنها مهددة بالإغلاق. وأفادت جريدة أوبسالا مؤخراً أن مفتشية المدارس تلقت عدداً من الشكاوى ضد المدرسة الخاصة في العام 2022، حيت تلقت المدرسة المعنية حوالي 10 ملايين كرون مساعدة من البلدية.

وتواصلت الكومبس مع مدير المدرسة الحالي الذي رفض في مكالمة هاتفية معه التعليق عن الموضوع وكان رده كالتالي:

ما هو ردك على الاتهامات التي تُوجه إلى المدرسة بصفتك مديرها؟

“ليس لدي أي تعليق على الإطلاق بخصوص هذا الأمر . يجب التعامل معه بشكل قانوني. يجب أن تأخذ الأمور منحى قانونياً لكي تجري بشكل صحيح”.

الكومبس حاولت أيضاً الوصول إلى زوج مديحة لسماع رده على هذه الاتهامات غير أن رقم هاتفه كان مغلقاً دائماً وكذلك كل حساباته على وسائل التواصل الإجتماعي.

هديل إبراهيم

المصدر: unt.se