لماذا يسافر بعض الأهالي في أوقات المدرسة؟
انتقادات للمدارس بعدم نشر المعلومات
موظفة مدرسة: هذه الإجراءات التي نتخذها

الكومبس – خاص: عودة الأطفال إلى المدارس تترافق مع بلاغات قلق بخصوص الطلاب المتغيبين. يسافر الأبناء مع والديهم في إجازة ويتأخرون في العودة إلى المدرسة بعد عطلة الصيف أو العطل الأخرى بما يخل بواجب التعليم الإلزامي الذي يشمل في السويد الصفوف من التمهيدي إلى التاسع. ظاهرة باتت تتكرر مع كل عطلة، ما دفع بعض البلديات إلى التشدد في مواضيع الغياب خصوصاً بعد شكاوى عدد من مديري المدارس. وفيما تحدث بعض الأهالي للكومبس عن أسباب تكرار الظاهرة، قالت إدارة الشؤون الاجتماعية في بلدية نورشوبينغ إنها تتعامل مع بلاغات القلق بهذا الخصوص وفقاً لتقييم كل حالة على حدة، مشيرة إلى تسجيل 10 بلاغات قلق في البلدية حتى الآن بشأن الطلاب المتغيبين منذ مطلع العام الدراسي.

قانون التعليم الإلزامي يلزم الأهل بإرسال أولادهم إلى المدرسة في الأوقات المحددة، وتقديم الأعذار المرضية في حال المرض، أو الأعذار المقنعة في حالات أخرى، إضافة إلى ضرورة أخذ إذن بالسفر خلال العام الدراسي. وبحسب القانون، فإن المدرسة يجب أن تعلم مكان وجود الطالب خلال أوقات الدوام المدرسي بشكل واضح، وفي حال حصول عكس ذلك تبدأ المدرسة إجراءات قد تنتهي بإبلاغ دائرة الخدمات الاجتماعية (السوسيال) في البلدية في حال وجود قلق على سلامة الطالب.

الشؤون الاجتماعية في بلدية نورشوبينغ

هكذا يتصرف “السوسيال”

إدارة الشؤون الاجتماعية في بلدية نورشوبينغ قالت للكومبس إن الإدارة تلقت حتى 3 سبتمبر حوالي 10 بلاغات قلق تتعلق بأطفال متغيبين عن المدرسة من بداية العام الدراسي، بعضهم كان غائباً منذ فترة وجرى تقديم بلاغات قلق بشأنهم سابقاً. ويعتبر عدد البلاغات هذا العام أقل مقارنة بالسنوات السابقة، لكن التجارب السابقة تظهر أن المدارس تنتظر مزيداً من الوقت، قبل أن ترسل بلاغاً عن قلقها.

وعن الأعذار التي يقدمها الأهالي عند سؤالهم عن سبب تغيّب أولادهم، قالت الإدارة “بغض النظر عن العام الذي نقيس عليه أجوبتنا، ففي الحقيقة يختلف الأمر من عائلة إلى أخرى، حيث يعتقد البعض بأنه تم منحهم إجازة شفهياً لبضعة أيام أو أسابيع خلال الفصل الدراسي”.

وأكدت الإدارة أن جميع أولياء الأمور يتلقون معلومات من المدرسة حول التعليم الإلزامي في السويد، والروتين المتبع في حالة الغياب، و واجبات وحقوق ولي الأمر. وأضافت أن دور مكتب الخدمات الاجتماعية (السوسيال) يصبح مهماً عند تلقي بلاغ قلق، مشيرة إلى أن التعامل مع بلاغات القلق يستند إلى التقييمات الفردية لكل حالة، أي بناءً على محتوى البلاغ نفسه وما إن كانت العائلة المعنية لديها اتصال سابق مع الشؤون الاجتماعية، لكن الإجراء الشائع المعتمد أولاً، هو الاتصال بالمدرسة للحصول على مزيد من المعلومات.

ورداً على سؤال: متى يؤدي الغياب عن المدرسة إلى اتخاذ قرار بوضع الطالب تحت رعاية الخدمات الاجتماعية؟ أجابت الإدارة “تعتمد ممارسة الهيئة على القرارات، والمسألة هنا يصعب شرحها بعض الشيء. إذا تم اتخاذ قرار ببدء التحقيق، فإن ذلك يعتمد على تقييم شامل لحالة الطفل، ومحتوى بلاغ القلق نفسه”.

وعن دور الشرطة، قالت الإدارة إن دورها يبدأ في حال وجود اشتباه في جريمة ما. وعما إن كان يحق للشرطة التدخل تقائياً على سبيل المثال عند وجود أطفال في سن المدرسة أثناء ساعات الدراسة في المدينة، أو في المطار، قالت إدارة الشؤون الاجتماعية إن ذلك يحدث فقط في حال الاشتباه بوجود جريمة.

إدارات قلقة

وكان منذر السبعيني، مدير مدرسة في يوتيبوري، قال لراديو السويد إن هناك عدداً من الطلاب لم يأتوا إلى المدرسة منذ بدء العام الدراسي الحالي، مشيراً إلى أن بعض الأهالي لم يقدموا أسباباً مقنعة أو واضحة.

ولفت السبعيني إلى حالة من القلق تعيشها الإدارة بسبب غياب الطلاب، مؤكداً أنها تتعامل مع هذه الحالات بحذر وحرص، حيث تحاول التواصل مع الأهل، ثم مع الأقارب، وقد يُسأل الأصدقاء في المدرسة للتوصّل إلى خلفيات الغياب. وأضاف “إن لم نحصل على أجوبة نبلغ الخدمات الاجتماعية بهدف أن تساعدنا في البحث عن ماهية الأسباب وراء غياب الطالب”.

وقال السبعيني “من حق الطلاب أن يزوروا أو يعودوا إلى أوطانهم إن اختار الأهل ذلك. لكن في المقابل من حق المدرسة، بل ومن الضروري جداً أن يتم إبلاغ المدرسة بمكان وجود الطالب و أسباب غيابه، بهدف ضمان متابعة دراسته وضمان سلامته”.

(تعبيرية) Foto: Henrik Montgomery

خسرت إجازتي وأموالي

سيمون والد لثلاثة أطفال يعيش في إسكلستونا، لم يحظ بفرصة زيارة أخيه الذي يعيش في بلد أوروبي آخر في فترة إجازته من العمل، بسبب رفض المدرسة إعطاء أولاده الثلاثة إذن سفر لمدة أسبوع. وبحسب سيمون، فإن إدارة المدرسة أخبرته بأنها لا تجد ضرورات تبرر الغياب، وأنه يمكنه اصطحابهم في أيام العطل الرسمية.

يتساءل سيمون “هل يجب أن أدّعي بأن أولادي مرضى لأحظى برحلة قصيرة، كما يفعل كثيرون”.

خسر سيمون، على حد قوله، فرصته في قضاء وقت إجازته مع أخيه، إضافة إلى خسارته المادية بعد شراء تذاكر سفر لم يستطع استرجاع ثمنها.

لا معلومات لدى الأهالي

يروي عمر ( 22 عاماً) تجربة مختلفة مع قصة الغياب. عائلته اضطرت للسفر إلى سوريا بسبب وفاة جده. وأبلغ والده المدرسة التي تدرس فيها اختاه الصغيرتان برسالة إلكترونية دون أن يعلمها بمدة الغياب. وبقيت العائلة في سوريا شهراً.

ويشرح عمر أن المدرسة تواصلت مع الأب واستوضحت منه سبب استمرار غياب الفتاتين، والموعد المحتمل لعودة العائلة إلى السويد. وبعد عودتهم لم تتخذ المدرسة أي إجراء بل ساعدت الفتاتين فيما فاتهما من دروس.

يلفت عمر إلى مسألة مهمة هي افتقاد بعض الأهالي للمعلومات الخاصة بالغياب في المدارس. ويقول إن والديه ليس لديهما أدنى فكرة عن القوانين المرعية في مسألة الغياب، أو حتى عن طرائق تقديم العذر أو أخذ الإذن، مشيراً إلى أن الكادر التدريسي لا يزود الأهل بالمعلومات اللازمة.

“أكثر تشدداً مع الوافدين الجدد”

أم رفضت الكشف عن اسمها تفادياً لأي مشاكل مع جهات رسمية على حد قولها، تقول للكومبس “أنا غير مستعدة لوضع نفسي في موضع المساءلة من قبل المدرسة أو السوسيال. أتفادى الأمر بأن أجعل سفري بتوقيت يناسب العطل الرسمية تماماً، بحيث أعود قبل الدوام المدرسي المقرر بعدة أيام”. وتضيف “أخاف جداً أن يضعوا نقطة بجانب اسمي بأنني غير مؤهلة لرعاية أولادي”.

وتلفت الأم إلى أن تأخذ معرفتها عن إجراءات الغياب من أحاديث الأقارب و الأصدقاء وتجارب العائلات الأخرى، مؤكدة أنها لم تحصل أبداً على أي معلومات حول الموضوع من قبل كادر المدرسة.

الأم ترى أن المدرسة عادة ما تكون أشد صرامة حين يتعلق الأمر بالمراهقين، وتستنج ذلك من خلال تجربتها مع ابنها البالغ من العمر 15 عاماً فالمدرسة تتصل فور تأخره عن الحصة الدراسية لتعرف إن كان الأهل يتابعون ابنهم.

وتعبر الأم عن “قلق شديد” كلما اضطر أحد أبنائها للغياب عن المدرسة. مصدر القلق هو ما إن كانت المدرسة ستقبل التبرير الذي تقدمه أم أنه سيكون لها تصرف آخر قد يصل إلى إرسال بلاغ قلق.

كما تشعر المرأة بأن المدارس أكثر تشدداً في هذا الموضوع مع الوافدين الجدد.

لا يستطيعون السفر في الصيف

إحدى العاملات حديثاً كموظفة بديلة بمسمى مربية أطفال في إحدى الروضات في بلدية نورشوبينغ تقول إنها اضطرّت إلى السفر عدة مرات خارج السويد خلال العام الدراسي الماضي. وذهبت شخصياً إلى المدرسة، لتسأل عن الإجراءات التي يجب أن تقوم بها لكي تتمكن من اصطحاب أطفالها. وحظيت بالمساعدة والشرح المطلوب.

الموظفة تقول إن المدرسة لا تنشر التوعية من تلقاء نفسها بخصوص موضوع الغياب بل من واجب الأهالي أن يستفسروا عن ذلك. وتضيف “هناك أسر بسبب محدودية الدخل لا تستطيع أخذ إجازة والسفر في فترة الصيف. بل تضطر لأخذ العطلة خلال الدوام المدرسي لافتقادهم لدخل في الصيف”.

Foto: Anders Ahlgren / SvD / TT (تعبيرية)

“يوجد أهالٍ غير مبالين”

شهد مربية أطفال وهي موظفة ثابتة في إحدى روضات نورشوبينغ. تقول إن المدرسة ترسل في بداية العام الدراسي أوراقاً تتضمن معلومات كافية عن موضوع الغياب والقوانين المتعلقة به، ووسائل أخذ الأذونات وغيرها. كما أن المدرسة ترسل رابطاً لموقع إلكتروني يشرح الأمر بالتفصيل. وتضيف “عندما يكون المرء غير مبال و لا يكترث بالمعلومات، فإنه يهمل هذا النوع من المعلومات. كي لا نظلم قسماً من الأهالي، فإن عامل اللغة يلعب دوراً كبيراً في وعي الأهالي بالمواضيع المختلفة التي تهم أطفالهم”.

تروي شهد تجربتها في الروضة التي تعمل بها بالقول “قارب الشهر الأول من بدء العام الدراسي على الانتهاء، و ما زلنا نشهد غياب عدد كبير من الأطفال عن الروضة”. وتشير إلى قلق كبير من قبل الإدارة حول مصيرهم، حيث تسألها المديرة كموظفة من أصول عربية ما إن كان ثمة احتمال بأن يكون الأهل قد أخذوا أطفالهم، ورحلوا بشكل نهائي عن السويد.

تقول شهد “اتصلنا بأهالي الأطفال المتغيبين عدداً من المرات، وفي أوقات مختلفة من النهار، و كان الجواب بأن الرقم غير متاح للتواصل، أي أنهم غالباً خارج البلاد”.

وعن إجراءات الروضة في هذه الحال، تقول شهد إن “المديرة هي الشخص المعني في هذه الحال. كخطوة أولى أرسلنا بريداً الكترونياً لمجموعة أهالي الأطفال المتغيبين عن المدرسة، ولم يصلنا أي رد من الأهالي. وكخطوة متقدمة كلفتني المديرة بإرسال بريد باللغة العربية إلى العائلات ذات الأصول العربية”. وتشير إلى أن الروضة تستنفد سبل التواصل مع الأهل قبل أن يتحول الأمر إلى بلاغ قلق للخدمات الاجتماعية، معتبرة أن هناك مبالغة من قبل الأهالي الذين يعتقدون بأن المدرسة تبلغ السوسيال مباشرة لتسهيل سحب الأطفال.

ترى شهد أن هناك عدم معرفة عند نسبة كبيرة من الأهالي بما يخص القوانين المتعلقة بالمدرسة، و العلاقة مع الطالب و الأهل عموماً، مؤكدة أن المدرسة لا تلجأ إلى الخدمات الاجتماعية إلا بعد استنفاد كافة سبل التواصل و الحوار مع الأهالي لأن مسؤول البلدية المعني ببلاغات القلق سيسأل المدرسة فوراً عن الإجراءات التي قامت بها.

لوريس ديوب