لا تبدو أفعال كحرق المصحف أو التصريحات السياسية المتطرفة التي تلتها بريئة من محاولة خلق استقطاب حاد في المجتمع السويدي. المليشيوي السابق حارق المصحف يقول إنه يريد الدفاع عن المسيحيين واليهود ضد المسلمين، مؤكداً على هوية السويد المسيحية، رغم أنه يدعي الإلحاد. وفي الوقت نفسه يتبنى سياسيون في حزب SD الحليف للحكومة خطاباً موجهاً ضد الإسلام فقط، في حين يبدو خطابهم رومنسياً تجاه اليهودية. محاولات الاستقطاب هذه تنبه له قادة دينيون من المسيحيين واليهود. ومنذ الأيام الأولى لأزمة حرق المصحف خرج ممثلو الكنائس وخصوصاً الكنيسة السريانية بموقف واضح يدين حرق المصحف والكتب المقدسة وينبه من مخاطر إحداث شرخ بين مكونات المجتمع.

وأمس كتب رئيس مؤتمر الحاخامات الأوروبيين بنشاس غولدشميدت مقالاً اتهم فيه بوضوح سياسيين سويديين باستغلال أزمة حرق المصحف لخلق استقطاب حاد داخل المجتمع. الحاخام اليهودي الأكبر في أوروبا أكد أن حرق الكتب الدينية يهدد جميع الأقليات، مشيراً بشكل خاص إلى خطاب الكراهية والتمييز الموجه ضد المسلمين.

نزع الحاخام ورقة التوت التي يتغطى بها المتطرفون وهم يصورون أنفسهم مدافعين عن اليهود في وجه المسلمين. وقال بوضوح إن الجالية اليهودية تدين محاولات كسب تأييدها على حساب الآخرين، مشيراً إلى أن ممثلي اليهود والمسلمين شكلوا من خلال تعاونهم جبهة واحدة ضد الكراهية. واعتبر كذلك أن المعتدين الذين يسيئون للمسلمين يضربون في الوقت نفسه المسيحيين واليهود.

لا عنوان لمجمل خطاب الإسلاموفوبيا وأفعاله المتمثلة في حرق المصحف سوى الكراهية. على الكراهية يتغذى هؤلاء وبها يحققون أهدافهم في تقسيم المجتمع السويدي، مرة بادعاء الدفاع عن أقليات أخرى، ومرة بالتبجح بالدفاع عن قيم السويد التي لا يعرفونها ولا يمتثلون لها. شعار القيم الذي يرفعه جيمي أوكيسون في وجه حلفائه في الحكومة لمنع حظر حرق الكتب المقدسة، يغيب تماماً حين ينتهك قادة حزبه أحد أهم قيم السويد وأجملها، المساواة بين البشر بغض النظر عن دينهم أو أصلهم أو معتقدهم. فهل بقي للمتطرفين من ستار يخفون خلفه كراهية واضحة وصريحة؟