سوريون في السويد: الحرب قتلت أحلامنا

: 3/15/21, 12:35 PM
Updated: 3/15/21, 2:11 PM
سوريون في السويد: الحرب قتلت أحلامنا

عشر سنوات من مأساة شرّدت نحو نصف سكان سوريا

الكومبس – تقارير: يختلف السوريون في تسمية ما بدأ في بلادهم منذ عشر سنوات، ثورة أم احتجاجات أم مؤامرة أم أزمة، لكنهم يتفقون على شيء واحد؛ حجم الدمار الذي ضرب وطنهم ودفع كثيرين للهجرة قسراً بحثاً عن حياة آمنة.

في 15 آذار/مارس 2011، بدأت انتفاضة ضد نظام الرئيس بشار الأسد، الذي حكم سوريا لعقود. فكانت بداية حرب وحشية لا يمكن تصورها. وبعد عشر سنوات، لقي مئات الآلاف من الأشخاص حتفهم وشُرد نحو نصف سكان سوريا.

تقدّر وزارة الخارجية السويدية عدد السوريين الذين دخلوا الاتحاد الأوروبي في السنوات الأخيرة بمليون ونصف المليون شخص، فيما تختلف التقديرات كثيراً حول عدد اللاجئين في دول الجوار السوري أو الذين اضطروا للنزوح من مناطقهم إلى مناطق أخرى داخل البلد.

مأساة إنسانية اعتبرها بعضهم أكبر مأساة بشرية منذ الحرب العالمية الثانية، حيث خلّفت مئات آلاف الضحايا وملايين اللاجئين والنازحين. ودمّرت مستقبل أجيال كاملة تحاول تلمس حياتها في خيم اللجوء أو من بين أنقاض الدمار المادي والاقتصادي والاجتماعي الذي ضرب سوريا خلال 10 سنوات.

مهاجرون قلقون

السويد واحدة من الدول التي لجأ إليها السوريون. كثيرون وجدوا فيها ملاذاً آمناً يحلمون به، منحهم الأمن والاستقرار، غير أن الاستقرار بات منقوصاً بالنسبة لكثيرين ممن حصلوا على إقامة مؤقتة بعد أن شددت السويد قواعدها إبان أزمة اللجوء في 2015.

أحمد المحمد هو واحد من كثيرين لجؤوا إلى السويد بحثاً عن مستقبل لا تطارده فيه القنابل أو الاعتقالات أو الاضطهاد، غير أنه لا يزال قلقاً على مستقبله. قدمت وكالة الأنباء السويدية قصته اليوم كمثال على كثيرين ممن يعيشون ظرفه وقلقه.

كان أحمد الذي يعيش الآن في ستوكهولم صبياً يبلغ من العمر 15 عاماً في حلب مع والدته وأربعة أشقاء حين بدأت الحرب.

يجد أحمد صعوبة في وصف أهوال الحرب بالكلمات. “في كل مرة تسير في الشارع، تشعر أنها المرة الأخيرة لك في الحياة”. يقول أحمد الذي يبلغ الآن 25 عاماً.

“أردت فقط أن أعيش”

عاش أحمد مدة ثلاث سنوات في حالة طوارئ دائمة. ففي صيف 2012، اندلع القتال في حلب حين حاولت جماعات معارضة طرد قوات الجيش السوري والسيطرة على شمال البلاد. فوقعت أشرس المعارك في المدينة.

كان أحمد في المدرسة الثانوية، لكن أصبح من الصعب الاستمرار مع تدهور الوضع الأمني بسرعة.

يقول أحمد “كان الوصول إلى المدرسة يستغرق 15 دقيقة عادة، لكن في الحرب استغرق الأمر من ست إلى سبع ساعات لأن مجموعات متنوعة تسيطر على أجزاء مختلفة من المدينة”.

وصعّد الجيش هجومه بضربات جوية مكثفة. وقال أحمد إن هجوماً بالقنابل ليلاً أدى إلى القضاء على جيرانه وهم عائلة كاملة مكونة من سبعة أفراد. كما ألقت الشرطة العسكرية القبض عليه خلال تدقيق في الهويات وألقي به في السجن.

يروي أحمد كيف احتشد 19 شخصاً معاً في زنزانة صغيرة لا ترى الضوء تحت الأرض. ويقول إنه رأى وسمع أشخاصاً يخضعون للتعذيب.

وبعد عشرة أيام خرج من السجن وأدرك صعوبة مواصلة الحياة في سوريا. يقول “أردت فقط أن أعيش وأدرس. أردت الحرية دون الخوف على حياتي باستمرار”.

أوروبا الحلم

كان أحمد يحلم بالذهاب إلى أوروبا حتى يتمكن من مواصلة دراسته. وشجعته والدته على ذلك.

ككثير من السوريين كان على أحمد أن يسلك طريقاً خطيراً ليصل إلى أوروبا. ترك حلب في العام 2015، ومر عبر مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش. ووصل في نهاية المطاف إلى تركيا، ثم عبر البحر إلى اليونان. وأخيراً وصل إلى مالمو في أكتوبر/تشرين الأول 2015.

ومنذ ذلك الحين، عاش في كالمار وأوسكارهمن. ودرس السويدية في مدارس SFI لتعليم اللغة للأجانب، والمدرسة الأساسية.

واليوم، لديه تصريح إقامة مؤقتة ومن المقرر أن يتقدم بطلب للحصول على الإقامة الدائمة في أكتوبر/تشرين الأول المقبل. ومع ذلك، يواجه صعوبة في تأمين الشروط وفقاً لقانون اللجوء المؤقت، حيث يجب أن يكون حاصلاً على شهادة الثانوية العامة ووظيفة مع دخل كاف لكسب العيش.

يدرس أحمد الآن المدرسة الثانوية ويعمل في الوقت نفسه بدوام كامل في شركة لبيع الهواتف المحمولة. ويقول “من الصعب العمل على جبهتين لكن على المرء أن يكافح دائماً”.

ويعتقد أحمد أنه لم يكن هناك أي إنصاف في كيفية التعامل مع قضايا اللجوء. حيث مُنح صديق له تصريح إقامة دائمة قبل سريان القانون المؤقت الجديد، في حين لم يتمكن هو من ذلك. صديقه يدرس في الجامعة الآن، فيما يحلم أحمد أيضاً أن يتمكن من دخول الجامعة في نهاية المطاف، ليتمكن من العمل في تكنولوجيا المعلومات.

ممتن للسويد

يعبًر أحمد عن امتنانه للسويد التي حصل فيها على الأمان، والإقامة، وفرصة العمل، والدراسة. غير أنه يقول “ما زلت أخشى على مستقبلي وأخاف ألا أتمكن من الحصول على إقامة دائمة”.

خسر أحمد كثيراً خلال سنوات الحرب. توفيت والدته خلال القتال في العام 2017. ويعيش إخوته الأربعة، وجميعهم في العشرينات من العمر، لاجئين في المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال سوريا.

وفي حال عودة أحمد، سيتم استدعاؤه للخدمة العسكرية، وهو الأمر الذي يقلقه.

“لم يعد لدي حياة في سوريا. الحرب قتلت أحلامنا”. بهذه الجملة يلخص أحمد ربما مشاعر ملايين السوريين الذين فرقتهم الحدود والموقف مما حصل، وجمعتهم المأساة في النهاية.

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.