الكومبس ـ خاص: أصدرت محكمة بليكينغه مؤخراً حكماً بالبراءة بحق وليد الزيتون المقيم في السويد بعد أن قضى 14 شهراً في السجن بتهمة ارتكاب جرائم حرب والمشاركة بعمليات إعدام علنية مع داعش في مدينة تدمر السورية.
ضجت وسائل الإعلام السويدية في شهر مارس العام 2023 بعناوين عريضة لقصة وليد الزيتون البالغ من العمر 51 عاماً والمقيم في مدينة رونيبي والقادم منذ ثمانية سنوات من قرية الصوانة جنوب غرب تدمر السورية بعد اتهاماه من قبل الادعاء العام بارتكاب جرائم حرب خطيرة والمشاركة في عمليات إعدام علنية في ساحة قريته.
وفي 2 مايو 2024 أصدرت محكمة بليكينغه حكماً بالبراءة بعد بقائه مدة 14 شهراً في الحبس الاحتياطي خلال فترة المحكمة.
يقول وليد للكومبس إنه خسر فرصته في الحصول على الإقامة الدائمة بسبب القبض عليه، كما تدهورت حالته المادية والصحية، مشيراً إلى أن الصحف السويدية وخصوصاً صحف سكونا اهتمت بخبر اتهامه لكنها لم تكتب شيئاً عن براءته.
ويظهر حكم البراءة الذي اطلعت عليه الكومبس تفاصيل الاتهامات التي وجهت لوليد وتتعلق بحوادث وقعت في مدينة تدمر السورية في العام 2015 مع سيطرة تنظم داعش الإرهابي على المنطقة.
وجاء في لائحة الاتهام أنه “منذ ربيع عام 2012 على الأقل، تجري في سوريا صراع مسلح غير دولي بين النظام السوري وعدة مجموعات مسلحة، من بينها المجموعة المسلحة والتنظيم الإرهابي “الدولة الإسلامية” (داعش)”. واتهم الادعاء العام وليد بالمشاركة في ربط شخص بمركبة وسحب الجثة خلف المركبة في أحد الشوارع وصولاً إلى دوار يسمى “العنقاء” في بلدة الصوانة. كما اتهم بأنه بتعاون مع آخرين قام استخدام بوق المركبة لجذب انتباه المتفرجين والمارة، وكذلك بالمشاركة في إعدام أشخاص بوحشية بمناسبات متعددة بحضور مجموعة من السكان.
واعتبر الادعاء العام أن التهم ترقى إلى “جرائم حرب”و وأن الجرائم كانت شديدة القسوة بسبب إجبار المتفرجين، بمن فيهم أطفال، على مشاهدة الإعدام، إضافة إلى عوامل أخرى. وطلب المدعي العام من المحكمة ترحيل وليد الزيتون من السويد ومنعه من العودة إليها.
وبعد توجيه الاتهامات بقي وليد محتجزاً سنة وشهرين على ذمة المحاكمة. وخلال تلك الفترة أجرت السلطات القضائية كافة التحقيقات اللازمة واستدعت العديد من الشهود من السويد وخارجها إضافة إلى الاستعانة بتقارير من منظمات دولية، فكانت الحصيلة الحكم بالبراءة. استأنف الادعاء العام الحكم لكنه عاد وسحب الاستئناف.
كيف بدأت القصة؟
بعد الإفراج عنه قال وليد الزيتون للكومبس “كنت أعمل في شركة مناجم الفوسفات الشرقية وهي تابعة لوزارة النفط السورية وكنت مسؤولاً عن المحروقات لمدة 10 سنوات”.
وفي 15 مايو 2015 تمكن تنظيم داعش من الاستيلاء على مدينة تدمر والمناطق المحيطة بها وفي هذه الأثناء كان وليد يعمل في الشركة التي اقتحمها تنظيم داعش.
يقول وليد “حين دخلت داعش إلى الشركة لم يكن أحداً من الموظفين موجوداً فيها لأن معظمهم مقيم في مناطق أخرى وهربوا إليها. بالنسبة لي لم يكن لدي أي احتمال للهرب للمناطق الأخرى لأن عائلتي في تدمر وأنا مقيم فيها. أخذني عناصر داعش إلى أميرهم وقدموني له فطلب مني أن أقوم بالتواصل مع حاملي السلاح ممن أسماهم كتائب البعث للتخلي عن سلاحهم فقط وكان يبلغ عددهم ما يقارب الـ25. وثقت بكلام “الأمير” بسبب تواجد بعض الناس من أبناء المنطقة معه وتأملت ألا يتعرض أحد لأذى وبالفعل سارت الأمور كما يجب وطلبت من بعض الشباب الذين كنت أعرفهم التخلي عن السلاح وهم أخبروا الآخرين بذلك وقاموا بالتخلي عنه لأن الجيش انسحب مسبقاً من المنطقة ولم يعد بإمكانهم فعل شيء”.
يتابع وليد “من سوء حظي أنني كنت في المنطقة أثناء دخول داعش. وفي 30 مايو أو 1 يونيو على ما أعتقد أتى داعش برجلين من “الجيش الحر” لإعدامهما في ساحة المدينة أمام المدنيين من أجل ترهيبهم وقد شهدت هذه الحادثة لأنني كنت ذاهباً لملاقاة القاضي نفسه الذي حكم بالإعدام على الرجلين لإعادة سيارتي التي احتجزها داعش بحجة أنني متعاون مع النظام”.
واتهم وليد من قبل الادعاء العام السويدي بأنه من اقتاد الأسرى للإعدام مع آخرين وبأنه من هدد المدنيين للوقوف في الساحة. بينما يقول هو إنه كان حاضراً في المكان مع المتفرجين.
رواية وليد
يضيف وليد “سبب التهم الموجه لي هو كيدي من قبل أحد المعارف لديه عداء معي نتيجة خلافات عائلية منذ العام 2003 وكان يريد الانتقام مني وتواصل مع عدة أشخاص وقدم تقريراً كاذباً بحقي بالاشتراك مع أشخاص في السويد لمنظمة دولية. وقامت المنظمة بدورها بتقديم بلاغ بي للشرطة في السويد العام 2020 ومن ذاك الوقت وأنا وجوالي تحت المراقبة”.
ويلفت وليد إلى أن المحكمة استمعت لشاهدين قاما بوصف الواقعة بطريقة مزورة. وبعد حصول المحكمة على صورة للواقعة تبين أن كلامه كان صادقاً وأنه لم يكن مشتركاً بالجريمة بل شاهداً عليها مثل بقية المدنيين، بينما لم يكن الشاهدان موجودين في المكان. بحسب ما يقول وليد.
وعن ظروف إقامته في السويد، يقول وليد “منذ أن قدمت إلى السويد وأنا أعمل وكانت أموري جيدة وتعاملي مع الجميع مشهود له من قبل الناس وحتى بشهادة القاضي لدرجة أنه قال إن لا مانع من إعطائي إقامة في السويد فلا خلفية عدائية له”.
ويضيف وليد أنه لم يتم تجديد إقامته منذ العام 2021 بسبب هذه القضية بعد أن كانت قد تجددت مرات عدة من قبل. وكان يفترض أن يحصل على إقامة دائمة خصوصاً أنه شريك في شركة للمواد الغذائية.
يتكلم وليد عن ليلة القبض عليه في منزله من قبل جهاز الأمن (سابو) وأن نتيجة الضغط على ظهره من قبل أحد العناصر تعرض لتمزق في عملية الفتق وأدى ذلك إلى معاناته في السجن خصوصاً أنه كان بحاجة لإجراء عملية بحسب الطبيب الذي فحصه حينها لكن وجوده على ذمة التحقيق منع ذلك لأن العمليات لا تجرى إلا للحالات الإسعافية، بحسب قوله.
يضيف وليد “كتب عني الكثير في الصحف سابقاً وخصوصاً صحف سكونا حين تم توجيه الاتهامات لي أما اليوم فلم يكتب أحداً عني رغم قرار براءتي”.
ولم تذكر وسائل الإعلام التي اطلعت عليها الكومبس اسم وليد في الأخبار التي تناولت الاتهامات.
ويقول وليد “أنا متضرر جداً الآن فلا إقامة لدي وبذمتي قرض 300 ألف كرون واسمي مدرج في مصلحة جباية الديون (كرونوفوغدن)ولا سكن لدي بل أنام الآن في السيارة ومحل البقالة”.
وعن إمكانية المطالبة بحق وليد في التعويض نتيجة الضرر الذي لحق به، تواصلت الكومبس مع محاميه الخاص ومازالت بانتظار الجواب.