مسلمو اسكندنافيا.. ومعاناتهم عند تأخر أو غياب أوقات الصلاة

: 12/16/22, 3:44 PM
Updated: 12/16/22, 3:45 PM
مسلمو اسكندنافيا.. ومعاناتهم عند تأخر أو غياب أوقات الصلاة

المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس عن رأي الكومبس

الكومبس – رأي: يعاني بعض مواطني اسكندنافيا من تداخل أو غياب علامات دخول بعض أوقات الصلاة خلال فترة منتصف الصيف وما يسبقها ويليها من فترات الحرج أو المشقة، كما تزداد هذه الإشكالية حرجاً ومشقة كلما اتجهنا شمالاً.

ومع اقتراب دخول كل عام جديد، تزداد حلقات النقاش، وتتسع دوائر الحوار حول حاجة مسلمي اسكندنافيا وشمال أوروبا إلى منظومة/آلية محلية مناسبة لتقدير أوقات الصلاة خلال فترات الحرج وغياب العلامات.

ويحتار المرء ويزداد ارتباكاً كلما زادت أعداد هذه الجداول أمام عينيه، ولا يجد الإنسان نفسه إلا مُطالباً بأن يُجيد فهم طُرق حسابات كل هذه الجداول وآلياتها المتبعة، ومن ثم القدرة على اختيار أدق هذه الجداول وأنسبها للواقع المُعاش.

وكما هو معروف لدى الجميع أنه لا إشكالية تُذكر خلال فترات الاعتدال الربيعي والخريفي في مناطقنا الاسكندنافية التي نُعاني فيها من تداخل بعض أوقات الصلاة أو غياب بعض علاماتها خلال فترات الانقلاب الشتوي والصيفي.

السؤال الأهم

إلا أن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه بإلحاح دائم، وما زلنا نبحث له عن إجابة شافية مقبولة شرعاً وفلكاً ورصداً هو:

ما هو الحد المعتبر شرعاً لأقصر أو لأطول ليل أو نهار يمكن عند تجاوزه إباحة التقدير لأوقات الصلاة لنفس النقطة الجغرافية؟

أجاب البعض بـ8 ساعات، وقال آخرون بـ6 ساعات.

وأوجب فريق ثالث ضرورة الالتزام بالغروب – مهما تأخر – لدخول وقت صلاة المغرب وإفطار الصائم، ولو لم يغب الشفق، وأمسى الليل مضيئاً واستحال معه طلوع الفجر، وحتى لو لم يبق للشروق إلا مقدار يسير يكفي بالكاد لأداء صلوات المغرب، والعشاء، والفجر قبل شروق شمس اليوم التالي ولو بلحظات ( خلال الـ24 ساعة).

مقترح لأقصر ليل شرعي لنقطتك الجغرافية يجوز بعده التقدير :

وقد اقترحت للنقاش على بعض المهتمين وأهل الاختصاص بأن يكون أقل/أقصر ليل شرعي لأي نقطة جغرافية يجوز بعده التقدير هو: طول آخر ليلة شرعية طبيعية لكل نقطة جغرافية تحققت فيها صفات الليل الشرعي؛ أي حدث فيها غروب لكامل قرص الشمس، ثم عقب هذا الغروب غياب للشفق ولو في وقت متأخر، ثم توفرت بعد ذلك ظلمة لليل ولو بقدر يسير أو أمست ظلمة مُتوهمة في عيون بعض العامة بسبب التلوث الضوئي، ثم طلوع لفجر صادق حقيقي (فالعبرة هنا بوجود غروب لكامل قرص الشمس، وانبثاق لفجر صادق حقيقي).

مقترح لأقصر ليل فلكي لنقطتك الجغرافية يجوز بعده التقدير:

وعلى هذا يكون المقترح لأقل/أقصر ليل فلكي لأي نقطة جغرافية يجوز بعده التقدير هو: طول آخر ليلة شرعية حقيقية طبيعية لنفس النقطة الجغرافية.. يضاف إليه نصف ساعة تقريباً تتسع لرفع أذان الفجر، وأداء ركعتي السنة، وإقامة الفريضة وإتمام الصلاة قبل أن تشرق الشمس، فتُحسب بناء على ذلك أقل ليلة فلكية تقديرية لنفس النقطة الجغرافية (طول آخر ليلة شرعية حقيقية + نصف ساعة تقريباً قبل الشروق الحقيقي)، ثم لا يُعتمد بعد ذلك على الغروب أو على الشروق في تحديد أوقات صلوات المغرب، والعشاء، والفجر. (حيث سيُمسي الليل مضيئاً، ولن يكون بعد ذلك لليل الشرعي نهاية وإن بدأ بالغروب، ولن يكون لليوم الشرعي بداية وإن انتهى بالغروب).

وقد يرافق ذلك – في بعض المدن – عدم غياب قرص الشمس صيفاً، أو عدم إشراقه شتاءً، وقد تطول مدة هذه الظاهرة حتى تصل لعدة أيام تزداد لأسابيع ولأشهر كلما اتجهنا شمالاً.

ويُعنى مما تقدم أن أقصر ليل شرعي مُقدر (20 يونيو) سيتراوح بين الـ6 إلى الـ5 ساعات تقريباً وقت الحرج وعندما تتداخل الأوقات أو تغيب بعض علاماتها خلال فترة منتصف الصيف وما حولها.

على أن يؤخذ في الاعتبار مع ذلك:

تحديد/اعتماد وقت الزوال لدخول صلاة الظهر

وأن يكون التقدير للعشاء قبل منتصف الليل الفلكي، وللفجر بعده، وذلك في حالة حدوث الغروب والشروق خلال 24 ساعة، يُطرح منها (أي من الـ24 ساعة) طول أقل ليلة شرعية حقيقية عند تداخل أو غياب علامات بعض الأوقات.

وهذه مجرد فكرة أطرحها مُجدداً للنقاش على السادة الفقهاء والفلكيين والمهتمين. فكرة تجمع بين الأفكار والآراء والآليات المختلفة وتربطها بجميع النقاط الجغرافية حسب ما يعتريها من ظواهر طبيعية محلية.. وهي فكرة سهلة يسيرة حول إمكانية التقدير، إن جاز شرعاً، من عدمه لمواقيت الصلاة والصيام خلال فترات الحرج أو المشقة قبل وأثناء غياب العلامات وبعد عودتها.

والأمل مازال معقوداً على أصحاب الهمم العالية، وعلى دوام تواصلهم فيما بينهم، وحسن إنصاتهم بعضهم لبعض، وجودة تعاونهم على الصالح العام بُغية الوصول معاً إلى أدق وأنسب وأيسر جداول موحدة قدر الإمكان.

*بعض ما قيل عن أوقاتِ الصلاةِ في البلادِ التي يطولُ فيها النَّهارُ جدًّا أو العكس:*

– إذا كانت المدينةُ يطولُ فيها النَّهار جدًّا أو العكس، لكن يتمايزُ فيها الليلُ مِن النَّهار بطلوعِ فجرٍصادقٍ، وغروبٍ كاملٍ لقرصِ الشمسِ خلالَ أربعٍ وعشرين ساعةً، فيجبُ على أهلِ هذه المدينة أن يُصلُّوا الصلواتِ الخمسَ في أوقاتِها المعروفةِ لعموم قول الله تعالى: ( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا)، وقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، وقوله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ۖ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ).

– وفي الحديث (لولا أنْ أشقَّ على أمتي لأمرتُهم أنْ يؤخِّرُوا العشاءَ إلى ثُلثِ الليلِ ، أو نصفِهِ) أي : لأخرت إقامتها إلى نِهايةِ ثُلثِ اللَّيلِ الشرعي الأوَّلِ؛ لِما جاء في فضْلِ تأخيرِها ( أعْتِموا بهذه الصَّلاةِ؛ فإنَّكم قد فُضِّلْتم بها على سائرِ الأُمَمِ، ولم تُصَلِّها أُمَّةٌ قبْلَكم). وفي الحديثِ: بَيانُ حِرْصِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على التَّيسيرِ على النَّاسِ.

– والمفتى به حسب دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي فإن البلاد التي تصل فيها ساعات الصيام إلى 18 ساعة يوميَاً فما يزيد – كوضعنا فى شمال اسكندنافيا – فتُعَدُّ علاماتُها في حالة اختلال تُجيز التقدير؛ … ( أما الأحوال التي لا يَزيد فيها حد النهار عن ثماني عشرة ساعة ولا ينقص عن ست ساعات: فإن أهلها مكلَّفون بأداء الصلوات في أوقاتها حسب توقيتهم المحلِّي، وبالصوم بدءاً مِن فَجرهم – الحقيقي – إلى غروب شمسهم، فإن شَقَّ ذلك على أحدٍ أو كان سبباً في اضطراب حياته أو اختلال عمله جاز له الإفطار وتأخير القضاء إلى الوقت السنوي الذي لا يكون الصوم فيه مُؤَدِّياً إلى اختلال نظام المعاش. ( فتوى رقم : 12366 بتاريخ / 9 يوليو 2013 )، و( فتوى بحثية رقم : 35 بتاريخ / 5 أكتوبر 2011 م حول: الصيام في الأماكن التي يقصر فيها الليل ).

ويُفهم بهذا جواز البدء بالتقدير مدة أسبوع تقريباً قبل غياب العلامات حتى أسبوع تقريباً بعد عودتها حسب دار الإفتاء المصرية ومن وافقها. والله سبحانه وتعالى أعلم.

ويبقى السؤال:

إلى أي مدى يجب أن يُلتزم بالعلامات الحقيقية لدخول أوقات الصلاة؟ ومتى يجوز البدء بالتقدير؟ وكيف سيُقدر؟

وهل يمكن الإعراض عن الغروب الحقيقي، والبدء بالتقدير لصلاة المغرب إذا غابت علامات الفجر، أو لم تنزل الشمس إلى درجة 18 ، أو إلى درجة 15 ، أو إلى درجة 12 تحت الأفق؟

وحتى هذا الحين.. أي من هذه الجداول المنتشرة سيُعتمد؟ وكيف سيُتعامل مع الجداول في المختلف فيه؟

وفي النهاية أذكر نفسي وإياكم بقول الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا).

طاهر أبو جبل

Alkompis Communication AB 559169-6140 © 2024.